
سائقو الطاكسي بين مطرقة الاستغلال وسندان المأذونيات
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
يعاني العديد من سائقي سيارات الأجرة في مختلف المدن المغربية من ظروف عمل صعبة، نتيجة لهيمنة بعض مستغلي المأذونيات الذين يفرضون شروطًا قاسية وغير منطقية على السائقين، هذا الوضع يجعل السائقين الحلقة الأضعف في سلسلة النقل، حيث يتحملون عبء العمل مقابل دخل محدود، دون الاستفادة من حقوقهم الأساسية.
في هذا السياق، أصدرت وزارة الداخلية في أبريل 2022 دورية تهدف إلى تنظيم وضبط شروط استغلال المأذونيات، بهدف تحسين مهنية القطاع وضمان حقوق السائقين، لكن ومع ذلك، يرى العديد من المهنيين أن بعض بنود هذه الدورية تضر بمصالحهم، خاصة تلك المتعلقة باشتراط البطاقة المهنية ورخصة الثقة، والتي قد تحرم السائقين من حقوقهم في حالة وفاة صاحب المأذونية.
بالإضافة إلى ذلك، أثيرت قضية طلب شهادة الحياة من أصحاب المأذونيات كشرط لاستمرار استغلال الرخصة، هذا الإجراء الآخر ورغم هدفه في تعزيز الشفافية، أدى إلى استغلال بعض المأذونيين للسائقين من خلال مطالبتهم بمبالغ مالية كبيرة مقابل منح هذه الشهادة، كما أن بعد المسافة بين مكان إقامة أصحاب المأذونيات ومكان عمل السائقين يجعل الحصول على شهادة الحياة أمرًا معقدًا، مما يعطل نشاط القطاع.
في مدن سياحية كأكادير ومراكش، تفاقمت المشاكل في قطاع سيارات الأجرة، حيث لوحظ وجود لوبيات تتحكم في استغلال المأذونيات وتفرض أسعارًا مرتفعة على السائقين.
هذه الممارسات أدت إلى حرمان العديد من السائقين من فرص العمل، وزيادة نسبة الفوضى والاحتكار في القطاع، وقد دفعت هذه الأوضاع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش إلى مراسلة وزير الداخلية ووالي الجهة، مطالبة بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الممارسات وحماية حقوق السائقين.
من جهة أخرى، يطالب العديد من المهنيين بإلغاء نظام المأذونيات الحالي، معتبرين أنه يكرس للريع والاحتكار ويؤدي إلى استغلال السائقين، ويرون أن الحل يكمن في منح التراخيص مباشرة للسائقين المهنيين، لضمان شفافية أكبر وحماية لحقوقهم، وقد أثارت هذه المطالب جدلًا واسعًا بين مؤيد ومعارض، إلا أن الواقع الحالي يفرض ضرورة إصلاح جذري للقطاع.
في ظل هذه التحديات، أعلنت وزارة الداخلية في نهاية عام 2024 عن إصلاحات جديدة تهدف إلى محاربة الفوضى في قطاع سيارات الأجرة، من بين هذه الإصلاحات، إلزام مستغلي رخص سيارات الأجرة بتقديم شهادة حياة حديثة لصاحب المأذونية أو إشهاد رسمي يثبت أنه لا يزال على قيد الحياة، مع تحديد موعد نهائي للامتثال لهذا القرار، يهدف هذا الإجراء بدوره إلى ضمان استغلال الرخص بطريقة قانونية ومسؤولة، وتقليل الصراعات والتوترات في القطاع.
و بشكل عام، يتطلب قطاع سيارات الأجرة في المغرب إصلاحات شاملة لمعالجة مشكلاته الهيكلية، وضمان حقوق السائقين، وتحقيق العدالة والشفافية في استغلال المأذونيات، وهو ما يقتضي على الجهات المعنية العمل بجدية على تنفيذ هذه الإصلاحات، والاستماع إلى مطالب المهنيين، لضمان تحسين أوضاعهم وتحقيق خدمة نقل عمومي ذات جودة عالية للمواطنين.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X