عمليات نصب ضد متضرري زلزال الحوز وتارودانت

هبة بريس- عبد اللطيف بركة 

 

شهدت المناطق المتضررة من زلزال الحوز الذي ضرب مناطق واسعة من المغرب في شتنبر 2023، فواجع إنسانية كبيرة نتيجة الدمار الواسع الذي لحق بالمساكن والمرافق العامة.

لكن إلى جانب هذه المأساة الطبيعية، ظهرت قضايا أخرى تعمق من معاناة المتضررين، تمثلت في عمليات نصب وتلاعب قام بها بعض المقاولين الذين استغلوا ظروف الضحايا وأوضاعهم المأساوية لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وقد كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت عن تورط ثلاثة مقاولين في هذه العمليات، مما أثار موجة من الاستياء والقلق بشأن نزاهة وشفافية عمليات إعادة الإعمار.

تورط مقاولين في عمليات نصب

أعلن وزير الداخلية عن تفاصيل تورط المقاولين الثلاثة الذين لم يلتزموا بعقودهم مع المستفيدين من إعادة بناء مساكنهم في مناطق زلزال الحوز وتارودانت.

المقاول الأول في دوار بوزوك أيت ملو أخل بالعقود مع 18 مستفيدًا في دواري تغزوت وتنمل، حيث لم يكمل الأشغال كما كان متفقًا عليه، متجاهلاً المعايير الفنية المتفق عليها.

المقاول الثاني، الذي كان يعمل في دوار العرب بجماعة أسني، أخل كذلك بالتزاماته مع المتضررين، وأصبح مطلوبًا للعدالة بعد إصدار مذكرة بحث بحقه.

أما المقاول الثالث، فقد تجاهل عقوده مع تسعة مستفيدين من دواوير تغزرت ومريغة العليا والعزيب.

التحقيقات القضائية وتدابير مكافحة التلاعب

ردًا على هذه الأفعال المشينة، سارعت السلطات المغربية إلى اتخاذ إجراءات صارمة، حيث تم فتح تحقيقات واسعة النطاق لتحريك النيابة العامة ضد المقاولين المتورطين.

وقد تم توقيف أحد المقاولين من قبل الدرك الملكي في أيت ملول، في حين ما زال آخرون ملاحقين بموجب مذكرات بحث.

كما دعت السلطات المتضررين من عمليات النصب إلى تقديم شكاوى فردية للنيابة العامة لضمان استرداد حقوقهم ومحاسبة المتلاعبين.

وفي خطوة هامة لضمان نزاهة وشفافية عملية إعادة الإعمار، تم تعيين لجنة تفتيش خاصة لمراقبة سير المشاريع في إقليمي الحوز وتارودانت.

هذه اللجنة ستقوم بالتأكد من التزام المقاولين ببنود العقود والمعايير التقنية، بالإضافة إلى التحقيق في أي حالات فساد أو تلاعب قد تؤثر على حقوق الضحايا.

دور النيابة العامة في التحقيقات

من المرتقب ان تحيل وزارة الداخلية الملف على التحقيقات التي ستجريها النيابة العامة المختصة وهي خطوة هامة لضمان محاسبة المتورطين عن التلاعب بحقوق المتضررين.

فبعد الكشف عن تورط بعض المقاولين في عمليات نصب، أصبح من الضروري تحريك المساءلة القضائية من خلال تسريع الإجراءات القانونية لضمان أن الضحايا لن يُتركون فريسة للاستغلال.

كما أن النيابة العامة مدعوة إلى التحقيق في دور بعض المسؤولين المحليين الذين قد يكونوا قد شاركوا أو سهلوا هذه العمليات، وهو ما يثير تساؤلات حول دور السلطات في مراقبة سير عمليات إعادة الإعمار.

اللجنة التفتيشية: خطوة نحو محاسبة الجميع

تعيين لجنة تفتيش للإقليمين المتضررين هو خطوة إيجابية نحو ضمان الشفافية ومنع أي فساد محتمل قد يمس بحقوق المتضررين.

اللجنة ستكون مسؤولة عن مراقبة جميع المقاولات التي تم التعاقد معها، والتحقق من جودة الأشغال ومدى التزام المقاولين بالمواعيد النهائية والضوابط الفنية.

هذا التدبير يعد أمرًا بالغ الأهمية في سبيل بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين المتضررين، الذين يعولون على الدولة لإعادة بناء حياتهم ومنازلهم.

التحديات المستقبلية

رغم أن هذه الإجراءات تشكل خطوة هامة في معالجة الوضع، فإن التحدي الأكبر يبقى في ضمان استمرارية الرقابة على المشاريع والالتزام بالمعايير القانونية والتقنية طوال فترة تنفيذها.

قد لا تكون هذه القضية الوحيدة التي يتعين على السلطات معالجتها، حيث لا تزال هناك العديد من المشاريع التي تحتاج إلى مراقبة مستمرة لمكافحة الفساد والاحتيال.

وتعكس قضية تورط المقاولين في عمليات نصب ضد متضرري زلزال الحوز وتارودانت صورة مؤلمة عن الأوضاع التي قد ترافق عمليات إعادة الإعمار في ظل غياب الرقابة الصارمة.

ولكن من خلال التحقيقات القضائية وتعيين لجنة تفتيش للإقليمين المتضررين، يمكن أن تشكل هذه الحوادث نقطة تحول نحو تحسين مستوى الشفافية والنزاهة في إدارة المشاريع العامة.

تبقى الحاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير حاسمة لضمان حقوق المتضررين ووقف أي محاولات للتلاعب أو الاستغلال، كي لا تزيد معاناتهم وتزداد الظروف سوءًا

 

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى